فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45)}.
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: مؤمن، وكافر، قولهم صالح مرسل من ربه. وقولهم ليس بمرسل. وفي قوله: {لم تستعجلون بالسيئة} قال: العذاب {قبل الحسنة} قال: الرحمة. وفي قوله: {قالوا اطيرنا بك} قال: تشاءمنا. وفي قوله: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح. وفي قوله: {تقاسموا بالله} قال: تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم أجمعين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فإذا هم فريقان يختصمون} قال: إن القوم بين مصدق ومكذب. مصدق بالحق ونازل عنده، ومكذب بالحق تاركه. في ذلك كانت خصومة القوم {قالوا اطيرنا بك} قال: قالوا: ما أصبنا من شر فإنما هو من قبلك ومن قبل من معك قال: {طائركم عند الله} يقول: علم أعمالكم عند الله {بل أنتم قوم تفتنون} قال: تبتلون بطاعة الله ومعصيته {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: من قوم صالح {قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله} قال: توافقوا على أن يأخذوه ليلًا فيقتلوه قال: ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح- يعني مسرعين- ليقتلوه بعث الله عليهم صخرة فأخمدتهم {ثم لنقولن لوليه} يعنون رهط صالح {ومكروا مكرًا} قال: مكرهم الذي مكروا بصالح {ومكرنا مكرًا} قال: مكر الله الذي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم {فانظر كيف كان} مكرهم قال: شر والله {كان عاقبة مكرهم} أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم صيرهم إلى النار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {طائركم} قال: مصائبكم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: كان أسماؤهم زعمي، وزعيم، وهرمي، وهريم، وداب، وهواب، ورياب، وسيطع، وقدار بن سالف عاقر الناقة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وكان في المدينة تسعة رهط} قال: وهم الذين عقروا الناقة وقالوا حين عقروها تبيتن صالحًا وأهله فنقتلهم، ثم نقول لأولياء صالح ما شهدنا من هذا شيئًا، وما لنا به علم فدمرهم الله أجمعين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء بن أبي رياح {وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون} قال: كانوا يقرضون الدراهم. والله أعلم. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
قوله: {أَنِ اعبدوا}.
يجوز في {أَنْ} أَنْ تكونَ مُفَسِّرةً، وأَنْ تكونَ مصدريةً أي: بأَنْ اعْبُدوا، فيجيء في محلِّها القولان.
قوله: {فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ} تقدَّم الكلامُ في إذا الفجائيةِ. والمرادُ بالفريقين: قومُ صالحٍ، وأنهم انقسموا فريقين: مؤمن وكافر. وقد صَرَّح بذلك في الأعراف حيث قال تعالى: {الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ} [الأعراف: 75]. وجَعَلَ الزمخشري الفريقَ الواحدَ صالحًا وحدَه، والأخر جميعَ قومِه. وحَمَلَه على ذلك العطفُ بالفاءِ؛ فإنَّه يُؤْذِنُ أنه بمجرَّدِ إرسالهِ صاروا فريقَيْنِ، ولا يصيرُ قومُه فريقين إلاَّ بعد زمانٍ ولو قليلًا. و{يَخْتَصمون} صفةٌ ل {فريقان} كقولِه: {هذان خَصْمَانِ اختصموا} {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا}. واختير هنا مراعاةُ الجَمْعِ لكونِها فاصلةً.
{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47)}.
وقرئ: {تَطَيَّرْنا بك} وهو الأصلُ وأُدْغِمَ. وقد تقدَّم تقريرُه.
قوله: {تُفْتَنُونَ} جاء بالخطاب مراعاةٌ لتقدُّمِ الضميرِ. ولو رُوْعِيَ ما بعدَه لقيل: {يُفْتَنُون} بياءٍ الغَيْبة، وهو جائزٌ، ولكنه مرجوحٌ. وتقول: أنت رجلٌ تَفْعل، ويَفْعل، بالتاء والياء، ونحن قومٌ نقرأ ويَقْرؤون.
{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48)}.
قوله: {تِسْعَةُ رَهْطٍ} الأكثرُ أَنَّ تمييزَ العددِ بهذا مجرورٌ بمِنْ كقولِه: {أَرْبَعَةً مِّنَ الطير} [البقرة: 260]. وفي المسألةِ مذاهبُ، أحدُها: أنه لا يجوزُ إلاَّ في قليلٍ. الثاني: أنه يجوزُ، ولكن لا ينقاس. الثالث: التفصيل بين أن يكونَ للقلة كرَهْطٍ ونَفَرٍ فيجوزَ أو للكثرةِ فقط، أو لها وللقلةِ فلا يجوز، نحو: تسعةُ قوم. ونَصَّ سيبويه على امتناعِ ثلاث غنم. قال الزمخشري: وإنما جاز تمييزُ التسعةِ بالرَّهْطِ لأنه في معنى الجمعِ كأنه قيل: تسعةُ أنفسٍ قال الشيخ: وتقديرُ غيرِه تسعة رجالٍ هو الأولى لأنه من حيث أضافَ إلى أَنْفُس كان ينبغي أَنْ يقولَ تِسْع أنفس، على تأنيث النفس؛ إذ الفصيحُ فيها التأنيثُ. ألا تراهُمْ عَدُّوا من الشذوذِ قولَ الشاعر:
ثلاثةُ أَنْفسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ

قلت: وإنما أراد تفسيرَ المعنى.
قوله: {يُفْسِدُونَ} يجوزُ أَنْ يكونَ نعتًا للمعدودِ أو العددِ، فيكونَ في موضع جرٍّ أو رفعٍ.
قوله: {وَلاَ يُصْلِحُونَ} قيل: مؤكِّدٌ للأولِ. وقيل: ليس مؤكِّدًا؛ لأنَّ بعض المفسدين قد يُصْلِحُ في وقتٍ ما، فأخْبَرَ عن هؤلاءِ بانتفاءِ تَوَهُّمِ ذلك.
قوله: {تَقَاسَمُواْ}.
يجوز في {تقاسموا} أَنْ يكونَ أمرًا أي: قال بعضُهم لبعضٍ: احْلِفُوا على كذا. ويجوز أن يكونَ فعلًا ماضيًا، وحينئذٍ يجوز أَنْ يكونَ مفسِّرًا ل {قالوا} كأنه قيل: ما قالوا؟ فقيل: تقاسَمُوا. ويجوزُ أَنْ يكونَ حالًا على إضمار قد أي: قالوا ذلك متقاسِمِيْن، وإليه ذهب الزمخشري، فإنه قال: يُحْتمل أَنْ يكونَ أمرًا وخبرًا في محلِّ الحالِ بإضمار قد. قال الشيخ: أمَّا قولهُ: وخبرًا فلا يَصِحُّ لأنَّ الخبرَ أحدُ قسمَيْ الكلام؛ لأنه ينقسم إلى الخبرِ والإِنشاء، وجميعُ معانيه إذا حُقِّقَتْ راجعةٌ إلى هذين القسمين. قلت: ولا أدري: عدمُ الصحة مِنْ ماذا؟ لأنه جَعَلَ الماضي خبرًا لاحتمالِه الصدقَ والكذبَ مقابلًا للأمرِ الذي لا يَحْتَملهما. أمَّا كونُ الكلامِ لا ينقسِمُ إلاَّ إلى خبر وإنشاء، وأنَّ معانِيَه إذا حُقِّقَتْ تَرْجِعُ إليهما، فأيُّ مَدْخلٍ لهذا في الردِّ على أبي القاسم؟
ثم قال الشيخ: والتقييدُ بالحالِ ليس إلاَّ من باب نسبةٍ التقييدِ لا من نسبةِ الكلامِ التي هي الإِسنادُ، فإذا أُطْلِقَ عليها الخبرُ كان ذلك على تقديرِ: أنَّها لو لم تكنْ حالًا لجازَ أَنْ تُستعملَ خبرًا. وكذلك قولُهم في الجملةِ الواقعةِ صلةٌ: هي خبريةٌ فهو مجازٌ والمعنى: أنها لو لم تكن صلةً لجاز أَنْ تُستَعْمَلَ خبرًا وهذا فيه غموضٌ. قلت: مُسَلَّمٌ أنَّ الجملةَ ما دامَتْ حالًا أو صلةً لا يُقال لها: خبرية، يعني أنها تَسْتَقِلُّ بإفادةِ الإِسنادِ؛ لأنها سِيْقَتْ مَسَاقَ القَيْدِ في الحالِ ومَسَاقَ جزءِ كلمةٍ في الصلةِ، وكان ينبغي أن تُذْكَرَ أيضًا الجملةُ الواقعةُ صفةً فإن الحكمَ فيها كذلك.
ثم قال: وأمَّا إضمارُ قد فلا يُحتاج إليه لكثرةِ وقوع الماضي حالًا دون قد، كثرةً ينبغي القياسُ عليها قلت: الزمخشريُّ مشى مع الجمهورِ؛ فإنَّ مذهَبهم أنه لابد من قد ظاهرةً أو مضمرةً لِتُقَرِّبَه من الحال.
وقرأ ابنُ أبي ليلى {تَقَسَّموا} دونَ ألفٍ مع تشديد السين. والتقاسُمُ والتَّقَسُّم كالتظاهُر والتظَهُّر.
قوله: {بالله} إن جَعَلْتَ {تقاسَمُوا} أمرًا تَعَلَّق به الجارُّ قولًا واحدًا، وإنْ جَعَلْتَه ماضيًا احْتَمَلَ أَنْ يَتَعلَّقَ به، ولا يكونُ داخلًا تحت المَقُولِ، والمقولُ هو {لَنُبَيِّتَنَّه} إلى آخره. واحتمل أَنْ يَتَعَلَّقَ بمحذوفٍ هو فعلُ القسمِ، وجوابه {لَنُبَيِّتَنَّه} فعلى هذا يكونُ مع ما بعده داخلًا تحتَ المَقُوْلِ.
قوله: {لَنُبَيِّتَنَّهُ} قرأ الأخَوان بتاءِ الخطابِ المضمومةِ وضمِّ التاءِ، والباقون بنونِ المتكلِّمِ وفتحِ التاءِ. {ثم لَنَقولَنَّ} قرأه الأخَوان بتاءِ الخطابِ المفتوحةِ وضمِّ اللامِ. والباقون بنونِ المتكلمِ وفتحِ اللامِ.
ومجاهد وابن وثاب والأعمش كقراءة الأخَوَيْن، إلاَّ أنه بياءٍ الغَيْبة في الفعلين. وحميد ابن قيس كهذه القراءةِ في الأولِ وكقراءةِ غير الأخوين من السبعةِ في الثاني.
فأمَّا قراءةُ الأخَوَيْن: فإنْ جَعَلْنا {تقاسَمُوا} فعلَ أمرٍ فالخطابُ واضحٌ رجوعًا بآخرِ الكلامِ إلى أولِه. وإنْ جَعَلْناه ماضيًا فالخطابُ على حكايةِ خطابِ بعضِهم لبعضٍ بذلك. وأمَّا قراءةُ بقيةِ السبعةِ: فإنْ جَعَلْناه ماضيًا أو أمرًا، فالأمرُ فيها واضحٌ وهو حكايةُ أخبارِهم عن أنفسِهم. وأمَّا قراءةُ الغَيْبَةِ فيهما فظاهرةٌ على أن يكونَ {تَقاسَمُوا} ماضيًا رُجُوعًا بآخرِ الكلامِ على أولِه في الغَيْبَةِ. وإنْ جَعَلْناه أمرًا كان {لَنُبيِّتَنَّه} جوابًا لسؤالٍ مقدرٍ كأنه قيل: كيف تقاسَمُوا؟ فقيل: لنبيِّتَنه. وأمَّا غيبةُ الأولِ والتكلمُ في الثاني فتعليلُه مأخوذٌ مِمَّا تقدَم في تعليلِ القراءتين.
قال الزمخشري: وقُرِىءَ {لَنُبيِّتَنَّه} بالياء والتاء والنون. فتقاسَموا مع التاءِ والنونِ يَصِحُّ فيه الوجهان يعني يَصِحُّ في {تقاسَمُوا} أن يكونَ أمرًا، وأَنْ يكونَ خبرًا قال: ومع الياء لا يَصِحُّ إلاَّ أَنْ يكونَ خبرًا. قلت: وليس كذلك لِما تقدَّم: مِنْ أنَّه يكونُ أمرًا، وتكون الغيْبَةُ فيما بعده جوابًا لسؤالٍ مقدرٍ. وقد تابع الزمخشريَّ أبو البقاء على ذلك فقال: {تقاسَمُوا} فيه وجهان، أحدهما: هو أمرٌ أي: أمَرَ بعضُهم بذلك بعضًا. فعلى هذا يجوزُ في {لَنُبَيِّتَنَّه} النونُ تقديرُه: قولوا: لَنُبَيِّتَنَّهُ، والتاءُ على خطابِ الآمرِ المأمورَ. ولا يجوزُ الياء. والثاني: هو فعل ماضٍ. وعلى هذا يجوز الأوجهُ الثلاثةُ يعني بالأوجه: النونَ والتاءَ والياءَ. قال: وهو على هذا تفسيرٌ أي: تقاسَمُوا على كونِه ماضيًا: مُفَسِّرٌ لنفسِ {قالوا} وقد سبقَهما إلى ذلك مكيٌّ. وقد تقدَّم توجيهُ ما منعوه ولله الحمدُ والمِنَّة. وتنزيلُ هذه الأوجه بعضِها على بعضٍ مما يَصْعُبُ استخراجُه مِنْ كلام القوم، وإنما رَتَّبْتُه من أقوالٍ شَتَّى. وتقدَّم الكلامُ في {مَهْلِكَ أَهْلِهِ} في النمل.
{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)}.
قوله: {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} قرأ الكوفيون بالفتح. والباقون بالكسر. فالفتح من أوجهٍ، أحدُها: أَنْ يكونَ على حَذْفِ حرفِ الجرِّ؛ أي: لأَنَّا دَمَّرْناهم. و{كان} تامةٌ و{عاقبةٌ} فاعلٌ بها، و{كيفِ} حالٌ. الثاني: أَنْ يكونَ بدلًا من {عاقبة} أي: كيف كان تدميرُنا إيَّاهم بمعنى: كيف حَدَثَ. الثالث: أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي: هي أنَّا دَمَّرْناهم أي: العاقبةُ تدميرُنا إياهم. ويجوزُ مع هذه الأوجهِ الثلاثةِ أَنْ تكونَ {كان} ناقصةً، وتُجْعَلَ {كيف} خبرَها، فتصيرَ الأوجهُ ستةً: ثلاثةً مع تمام {كان} وثلاثةً مع نُقْصانها. ويُزاد مع الناقصة وجهٌ أخر: وهو أَنْ تُجْعَلَ {عاقبة} اسمَها و{أنَّا دَمْرناهم} خبرَها و{كيف} حالٌ. فهذه سبعةُ أوجهٍ.
والثامن: أَنْ تكونَ {كان} زائدةً، و{عاقبة} مبتدأٌ، وخبرُه {كيف} و{أنَّا دَمَّرْناهم} بدلٌ مِنْ {عاقبة} أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ. وفيه تَعَسُّفٌ. التاسع: أنها على حَذْفِ الجارِّ أيضًا، إلاَّ أنه الباءُ أي: بأنَّا دمَّرْناهم، ذكره أبو البقاء. وليس بالقويِّ. العاشر: أنها بدل مِنْ {كيف} وهذا وَهْمٌ من قائِله لأنَّ المبدل من اسمِ الاستفهام يَلْزَمُ معه إعادةُ حرفِ الاستفهامِ نحو: كم مالكُ أعشرون أم ثلاثون؟ وقال مكي: ويجوز في الكلام نصبُ {عاقبة} ويُجْعَلُ {أنَّا دمَّرْناهم} اسمَ {كان}. انتهى. بل كان هذا هو الأرجحَ، كما كان النصبُ في قوله: {فما كان جوابَ قومه إلاَّ أَنْ قالوا} ونحوِه أرجحَ لِما تقدَّم مِنْ شَبَهِهِ بالمضمرِ لتأويلِه بالمصدرِ، وقد تقدَّم تحقيقُ هذا.
وقرأ أُبَيٌّ {أَنْ دَمَّرْناهم} وهي أَنْ المصدريةُ التي يجوزُ أَنْ تَنْصِبَ المضارعَ، والكلامُ فيها كالكلامِ على {أنَّا دَمَّرْناهم} وأمَّا قراءةُ الباقين فعلى الاستئنافِ، وهو تفسيرٌ للعاقبةِ. و{كان} يجوز فيها التمامُ والنقصانُ والزيادةُ. وكيف وما في حَيِّزها في محلِّ نصب على إسقاطِ الخافض، لأنه مُعَلِّق للنظرِ.
و{أَجْمعين} تأكيدٌ للمعطوفِ والمعطوفِ معًا.
{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)}.
قوله: {خَاوِيَةً} العامَّةُ على نصبِها حالًا. والعاملُ فيها معنى اسمِ الإِشارة. وقرأ عيسى {خاويةٌ} بالرفع: إمَّا على خبر {تلك} {بيوتُهم} بدلٌ مِنْ {تلك}، وإمَّا خبرٌ ثانٍ و{بيوتُهم} خبرٌ أولُ، وإمَّا على خبرِ مبتدأ محذوف أي: هي خاويةٌ، وهذا إضمارٌ مستغنى عنه. و{بِمَا ظلموا} متعلقٌ ب {خاوية} أي: بسببِ ظُلْمهم. اهـ.